-->
فضاء التربية الدامجة فضاء التربية الدامجة

كل المواضيع

آخر المواضيع

كل المواضيع
كل المواضيع
جاري التحميل ...
كل المواضيع

بعض التجارب الدولية في مجال المناهج الدراسية للأطفال في وضعية إعاقة

القسم 1 : مرتكزات الإطار المرجعي وموجهاته 
المحور 3 : بعض التجارب الدولية في مجال المناهج الدراسية للأطفال في وضعية إعاقة
المرجعالإطار المرجعي للتربیة الدامجة  لفائدة الأطفال فی وضعیة إعاقة -  مديرية المناهج 2019 -
مقدمة:

يشكل الاطلاع على بعض التجارب الدولية في مجال تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة أداة مهمة في استلهام مقوماتها والاستفادة من نجاحاتها. وبالنظر إلى أشكال التفاوت السياسي والاجتماعي والثقافي وأنماط التدبير التنظيمي للمجالات التربوية والتعليمية داخل هذه الدول، فقد تم تجنب الخوض في نوع من المقارنة بين الأنظمة التربوية، وتم الاكتفاء بالتركيز على المنطق المتحكم في تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة داخل الأنظمة التربوية لتلك الدول، على أساس الوقوف على بعض التجارب المرتبطة بوضع الهندسات التربوية لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة .
تجربة تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة ببعض الدول العربية:
بصفة عامة يمكن القول إنه ليس هناك تجارب كبيرة في العالم العربي في مجال تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة .لقد انتهت نتائج الأعمال التي احتضنها اللقاء العربيً حول التربية الخاصة بالرياض بالمملكة العربية السعودية يومي 22 و23 يونيو 2013، إلى أن «الجهود المبذولة حاليا لخدمة ذوي الإعاقات بالدول العربية غير كافية لإنجاح العملية التعليميَّة وتقديمها بالشكل المَّطلوب، وذلك لعدم وجود مرجعيَّة علميَّة مُقنَّنة لتطوير المناهج ضمن منظومة الأنظمة التعليميَّة الحاليَّة، إلى جانب قِلة الإفادة من تجارب الدول المُتقدِّمة في هذا المجال، بالإضافة إلى جوء المدرسين والعاملين في برامج التربية الًخاصة إلى الاجتهاد في وضع أجزاء المناهج والمقررات الدراسية وتنفيذها، فضلا عن عدم كفاية وضعف التدريب كما وكيفاً للمدرسين أثناء الخدمة. كما أنَّ مُعظم البرامج المُقدَّمة لضمان عمليَّة دمج ذوي الإعاقة مع الأصحاء هي برامج تعتمد على مناهج قديمة، كما يتم إجراء تعديلات عليها بين فترةٍ وأخرى بحسب رؤية القائمين على تلك البرامج، مما يتطلب تغيير النظام التعليمي برمته، وتكييف المناهج وفق قدرات الطلاب والطالبات، وتطبيق مفهوم التربية الشاملة، إضافةً إلى إيجاد متخصصين يعملون على تكييف البيئة الصفيَّة، والمناهج، وطرق التدريس بما يتناسب مع خصائص الطلاب واحتياجاتهم؛ لضمان نجاح عمليَّة دمج ذوي الإعاقة بالأصحاء في مدارس التعليم العام ».
تجربة تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة بالمنظومة التربوية السعودية:
في دراسة قام بها عبد العزيز بن محمد العبد الجبار ووائل محمد سعود بالسعودية) 2002([1]، استهدفت استقصاء آراء المديرين والمعلمين العاملين بالمدارس العادية وكذا معلمي التربية الخاصة تجاه دمج الأطفال في وضعيات إعاقة والمقارنة بين درجات التقبل لدى هذه الفئات الثلاث، تبين أن هناك متغيرين يؤثران في درجة التقبل. يرتبط الأول بنوعية الفئة، في حين يرتبط الثاني بنوعية الإعاقة.
وأبرزت الدراسة أن فلسفة التعليم بالمملكة العربية السعودية تنطلق من مبدأ كون المدرسة العادية هي المكان التربوي الطبيعي للغالبية العظمى من الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة. وأشارت الدراسة إلى أن برنامج الدمج في السعودية يتخذ أشكالا مختلفة، وأنه بالرغم من التأكيد على قبول التلاميذ في وضعية إعاقة ضمن الأقسام أو المدارس العادية، إلا أنه لا توجد تشريعات وقوانين تلزم مدراء المدارس العادية والمعلمين والتلاميذ بقبول الأطفال ذوي إعاقة في مدارسهم.
وتشير الدراسة إلى وجود ثلاثة أشكال لاحتضان الأطفال في وضعية إعاقة مدرسيا في المملكة العربية السعودية:
-    التربية في مراكز خاصة؛
-    التربية في أقسام خاصة ضمن مدارس عادية؛
-    التربية عبر الدمج الجزئي في الأقسام العادية؛
-    غرف المصادر (الموارد التعليمية)؛
-    اعتماد نظام المعلم المتجول .
لقد أكدت خلاصات الدراسة على عدم وجود صيغة أو مقاربة لهندسة منهجية متكيفة ومتلائمة مع سيرورات التمدرس في المدارس النظامية، وبالتالي انعدام وجود آليات للدمج ولتنزيل المقاربة البيداغوجية المطابقة له، بقدر ما هنالك تركيز كبير على نماذج التربية المتخصصة في المراكز المختصة .
تجربة تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة ببعض الدول الغربية:

تجربة تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة بالمنظومة التربوية الفرنسية:


أجريت دراسة في جهة PACA الفرنسية سنة 2010 حول واقع تمدرس الأطفال والمراهقين في وضعية إعاقة[2]. وانطلقت هذه الدراسة من طبيعة ما ينص عليه قانون 102-2005 الصادر في 11 فبراير 2005 والمتعلق بالمساواة في الحقوق والإمكانيات في مساهمة الأشخاص في وضعية إعاقة وفي مواطنتهم، بحيث يجعل هذا القانون الشخص في وضعية إعاقة في مركز اهتمام المجتمع، وينص على المساواة في ما يتعلق بالوصول إلى العلاج والسكن والتنقل والتمدرس والتكوين والشغل والمواطنة. كما حدد هذا القانون المسار الذي ينبغي اتباعه لتأمين حق تمدرس الأطفال.
وقد استهدفت الدراسة ما يأتي:
-    اقتراح قراءة في الممارسات المرتبطة بتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة،  سواء في المدارس العادية أو المؤسسات الخاصة؛
-    إبراز أثر قانون 2005 على اشتغال المؤسسات والمراكز الطبية – الاجتماعية وعلى المؤسسات المهنية؛
-    رصد مختلف أشكال الشراكات التي تربط بين القطاع الطبي – الاجتماعي وقطاع وزارة التربية الوطنية؛
-    تحديد الأدوات الميسرة لتطوير التعاون بين مختلف الشركاء المشتغلين مع الطفل في وضعية إعاقة، ومن ثم تعزيز تمدرسه؛
-    صياغة توصيات حول الممارسات الجيدة في مجال المصاحبة من أجل التمدرس .
وفي ما يتعلق بنمط تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، أبرزت الدراسة ما يلي:
-    إن تسجيل الأطفال في وضعية إعاقة يتم إما ضمن قسم عاد في مدرسة عمومية، بشكل كلي أو ضمن بنية خاصة في مدرسة عادية بشكل كلي أيضا، وإما بالتناوب بين مدرسة عادية ومركز مختص .
-    كل أنواع الإعاقة موجودة بمؤسسات التربية الوطنية ولكن بنسب مختلفة، كما أن النسب تتغير بحسب المستوى التعليمي .
-    إن هناك نمطين من التمدرس في مؤسسات التربية الوطنية: تمدرس فردي، حيث يتابع الطفل ذو إعاقة تمدرسه ضمن قسم عاد مع أطفال عاديين أو تمدرس جماعي، حيث يتم تسجيل الأطفال في أقسام الإدماج المدرسي التي تستقبل أطفالا من الفئة العمرية 12-6 سنة أو ضمن الوحدات البيداغوجية للإدماج UPI بالنسبة لـ 16-12 سنة، ولكن لا تتم الإشارة إلى تكييف المنهاج أو ملاءمة البرامج الدراسية .
-    يتم تكييف الزمن وفقا لطبيعة الإعاقات ولقدرات التلميذ، ويتضمن المشروع الشخصي للطفل تحديدا لكل المساعدات المادية والبشرية وللتجهيزات التي تعتبر ضرورية لدعم الإعاقة، وبالتالي لإنجاح التمدرس ضمن وسط عاد. كما يمكن للتلميذ أن يستفيد من مساعدة تقدمها مصالح التربية المتخصصة ومن العلاج بالمنزل.
-    تخصص الأكاديمية حيزا مهما للتكوين حول التكييف المدرسي ولتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة. وتتضمن التكوينات حصصا نظرية وأخرى علمية و تقنية .
-    إن العلاقات بين المتدخلين الميدانيين المنتمين إلى القطاع الطبي – الاجتماعي أو قطاع التربية الوطنية تختلف من وضعية لأخرى .

تجربة تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة بالمنظومة التربوية الكندية:


تبين إحدى الدراسات[3] أن 60% من الأطفال في وضعية إعاقة يتلقون تعليمهم في أقسام عادية، وأن ربعا منهم فقط يتمدرسون في أقسام الإدماج، وربعا آخر بمراكز متخصصة. وتعتبر فئة الأطفال الذين يعانون من اضطرابات التعلم أكثر الفئات تمدرسا ضمن الأقسام العادية.
أما بالنسبة للأطر العاملة لصالح هؤلاء الأطفال، فيتوزعون إلى ثلاث فئات من المدرسين، فئة المهنيين التي تضم المستشارين والمرشدين، وفئة البيداغوجيين والمنشطين والسيكولوجيين والمعالجين، أما الفئة الثالثة فتضم التقنيين والمصححين والمكلفين بالدعم وبالحراسة .
وفي جانب آخر، تذكر نفس الدراسة أن القانون ينص على ضرورة تمدرس الأطفال المعاقين والمتواجدين ضمن وضعية صعوبة، في مجالات تأخد بعين الاعتبار حاجياتهم، لكن مع توفير أقصى ما يمكن من الظروف الملائمة كي يكون هذا التمدرس جد عاد، مع الأخذ بعين الاعتبار أيضا رغبات الأسرة. ولا توجد في النظام التربوي الكندي نوعية أو طبيعة مقاربات التكييف والملاءمة ضمن الهندسات المنهاجية المعتمدة رسميا في هذا النظام .
أما بالنسبة للتقويم، فتشير الدراسة إلى ما يطرح من اقتراحات حول توحيد التقويمات مع التلاميذ العاديين في المجالات التي لا تتأثر بالإعاقة، وتكييف تلك الإجراءات عندما تصبح الإعاقة مؤثرة.

تجربة تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة بالمنظومة التربوية اليابانية:


تعد اليابان من بين أرقى دول العالم تعليماً. وقد ساهم هذا النظام التعليمي في تقدمها وازدهارها في شتى المجالات. ويتماشى الدستور والقوانين باليابان مع المواثيق الدولية التي تنص على أن التعليم يجب أن يكون مجانيا وإلزاميا من المرحلة الابتدائية إلى الإعدادي، مع توفير الدعم اللازم في مجال تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وملاءمة تعليمهم وفقا لحالتهم، وذلك إما في مدارس خاصة، أو أقسام إدماجية بالمؤسسات التعليمية، أو عن طريق خدمات في غرف المصادر أو في الأقسام العادية.
أما بالنسبة للمناهج الوطنية، فيتم تكييفها لتلائم كل إعاقة مع توفير المواد الدراسية والكتب الدراسية والوسائل الديداكتيكية،  وإدراج أنشطة لتعزيز الاستقلال« jiritsu - katsudo»  في التربية الخاصة.  ويستخدم الأساتذة في المؤسسات والأقسام الدراسية للمتعلمين من ذوي الاحتياجات الخاصة مجموعة متنوعة من استراتيجيات التدريس تعتمد تكييف المواد التعليمية مثل السؤال / الإجابة، الاكتشاف، حل المشاكل والتجارب، وغيرها ...
ونظرا للمستوى العالي من التكامل بين تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتدريس الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ،تدعم طرق تدريس ذوي الاحتياجات الخاصة باستخدام وسائل تعليمية عديدة ومتطورة في جل الأقسام الدراسية .وغالبا ما يوجد مترجمان اثنان للغة الإشارة في قسم واحد. ويعتمد الأساتذة على المشاريع التعليمية الفردية وكذلك على التعلم بالأقران. كما يشارك المتعلمون بنشاط في جميع مواد التدريس. وللآباء دور أساسي في وضع خطة دعم التعليم الفردي وخطة التدريس. وفي بعض الأحيان يشارك الآباء في أنشطة الحياة المدرسية جنبا إلى جنب مع أطفالهم.
 خلاصة:
انطلاقا من عرض التجارب الدولية في مجال تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، يلاحظ أن هناك تفاوتا كبيرا بين الدول ،من حيث الفلسفة التربوية المتبناة في تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة. كما يمكن تسجيل أن التفاوت بين الدول على مستوى الأنظمة السياسية والحقوقية والاجتماعية والمحددات الاقتصادية يطبع موجهات طرق تمدرس هذه الفئة من الأطفال.
كما يمكن أيضا ملاحظة أنه تم إفراز تشريعات مدرسية داخل الأنظمة التربوية الغربية، تخضع لآليات إدارية ولإجراءات تربوية ترتكز على مبادئ حقوقية تضمن للطفل في وضعية إعاقة سياقات تربوية مندمجة ضمن المؤسسات التعليمية النظامية العادية، وبشكل يتوافق مع حاجيات هذا الطفل وأنواع القصورات المتعلقة بإعاقته ودرجتها .
أما على مستوى الدول العربية، فرغم توفر الإرادات السياسية وأشكال التمويل الوافرة لدى بعض الدول، إلا أن تجربة تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة لا زالت لم تحدد إطاراتها التشريعية والإدارية والتنظيمية بشكل يضمن العرض التربوي المناسب لكل أنواع الإعاقات المعنية بالتمدرس. كما لا زالت لم توفر الخطط المناسبة لتنزيل رؤية الدمج المدرسي لهؤلاء الأطفال .
من جهة أخرى، يمكن تسجيل أن المغرب قد استطاع منذ 1992 أن يطور مجموعة من المبادرات التشريعية والإدارية في مجال تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، وذلك تفعيلا للاتفاقيات الحقوقية الدولية في هذا المجال، وتفعيلا لسياسات إدماج هؤلاء الأطفال في المنظومة التربوية، ومنحهم الحق في التمدرس وفي الرعاية التربوية والاندماج الاجتماعي والاقتصادي والمهني في ما بعد .
وهكذا، وبناء على ما أفرزته تجربة أقسام الإدماج المدرسي من ملاحظات، وما أبرزه استعراض التطور الحقوقي والقانوني الذي عرفه المغرب، واستئناسا بالتجارب الدولية، يمكن القول إن المغرب يحتاج إلى مقاربة أكثر تطورا في مجال تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، نظرا لما يمتلكه من إرادة سياسية على أعلى مستوى، ومن دستور يضمن تمتيع جميع المواطنين على قدم المساواة في التعليم والتكفل، ونظرا أيضا للتمرس الذي تملكه مختلف الفعاليات والمتدخلون في هذا المجال، ومنهم بالأساس الفاعلون التربويون والإداريون، ومؤسسات المجتمع المدني المشتغلة في مجال الإعاقة، وكذا آباء أمهات أولئك الأطفال، وما تأسس لديهم من وعي تربوي ومن إرادة في التغيير.
اعتبارا لكل ذلك، يمكن استخلاص ما يأتي:
-    أهمية استقبال الطفل في وضعية إعاقة في مدرسة عادية وضمن أقسام دامجة تتسع مناهجها لكل الأطفال كيفما كانت حاجاتهم وقدراتهم وإمكانياتهم.
-    تكييف البنيات والتنظيمات المدرسية، من بنيات تحتية ووسائل تعليمية، وتنظيمات تربوية، ومناهج دراسية ومقاربات سيكوبيداغوجية...، مما يمنح للطفل إمكانية الاستفادة من نفس العرض التربوي الذي يستفيد منه باقي الأطفال ،وبشكل فارقي يأخذ بعين الاعتبار خصوصياته ويتكيف معها؛
-    تخصيص آليات إدارية وتنظيمية وتربوية وطبية وشبه طبية، تمنح للطفل مختلف أنواع التعلمات الداعمة التي تمكنه من النجاح في مساره التمدرسي الدامج في إطار خصوصية إعاقته.
وهكذا اتجهت وثيقة الإطار المرجعي لهندسة التعلمات الخاصة بتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة إلى تحقيق الهدفين الأساسيين الآتييين:
-    إرساء المشروع الوطني للتربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة بالمنظومة التربوية الوطنية على المستويات التشريعية والإدارية والتنظيمية؛
- وضع آليات الاشتغال التربوية والديداكتيكية الرامية إلى تكييف وملاءمة البرامج التعليمية مع خصوصيات الإعاقات المعنية بالتمدرس (تنظيم الزمن التربوي، نوعية أنشطة التعلم، صيغ التقويم المكيفة، مختلف أشكال انخراط الطفل في وضعية إعاقة ضمن فضاءات الحياة المدرسية....)



التعليقات




// يوسف الضعيف //جميع الحقوق محفوظة

فضاء التربية الدامجة

2019