-->
فضاء التربية الدامجة فضاء التربية الدامجة

كل المواضيع

آخر المواضيع

كل المواضيع
كل المواضيع
جاري التحميل ...
كل المواضيع

الموضوع 4: ما هي التمثلات والإدراكات الاجتماعية نحو الإعاقة؟


القسم 1 : أسس التربية الدامجة ومبادؤها
المحور 2 : الإعاقة وأنماطها

الموضوع 4: ما هي التمثلات والإدراكات الاجتماعية نحو الإعاقة؟



طبيعة الموضوع
تشكل التمثلات الاجتماعية عن الإعاقة واحدا من الحواجز التي يمكن أن تقف في وجه نجاح التربية الدامجة في مجتمع من المجتمعات. لذلك لا يمكن الحديث عن تنزيل مشروع هذه التربية من دون إثارة مشكل التمثلات والاتجاهات من الإعاقة والتفكير فيه كإكراه حقيقي ينبغي البحث عن سبل تغييره.
هذه البطاقة تُعنَى بخطورة هذه التمثلات وصلابتها وأهمية التسلح الكافي بمختلف الوسائل من أجل تغييرها، بل بمكن القول إن هذا التغيير هو جوهر التربية الدامجة .
ولما كانت التمثلات الاجتماعية للإعاقة نتاجا لمعلومات ومعارف خاطئة حول الشخص في وضعية إعاقة ولما كانت هذه التمثلات أيضا هي دينامو الممارسات، فإن تغييرها ينبغي أن يرتكز على تصحيح المعارف وعلى تقويم الممارسات كمؤشر على تغيرها.
مفهوم التمثلات الاجتماعية

التمثلات الاجتماعية هي شكل من أشكال المعرفة الاجتماعية التي تشكلت جماعيا من طرف أعضاء مجموعة اجتماعية أو ثقافية واحدة وتم تقاسم هذه المعرفة كي تشكل طريقة في التفكير وفي الحكم وفي تأويل أحداث الواقع اليومي ،وهي بذلك تحدد علاقة هذه الجماعة بالعالم وبالآخر .
يعرفها مسكوفيتشيSerge Moscovici  صاحب نظرية التمثلات الاجتماعية بأنها طريقة لتأويل العالم ولفهم الواقع اليومي. إنها شكل من أشكال المعرفة الاجتماعية التي يقوم الفرد ببنائها لذاته بطريقة واعية إلى حد ما انطلاقا من خبراته الماضية وما يعيشه حاليا وما يرغب في العيش عليه مستقبلا. هذه التمثلات تقوم في نهاية المطاف بتوجيه ممارساته وسلوكه.
لذلك كانت التمثلات تتضمن ثلاثة أبعاد: المعلومة والاتجاه ومجال التمثل.


وتلعب التمثلات مجموعة من الأدوار والوظائف، منها:
•وظيفة معرفية، تسمح بإدماج معارف جديدة ضمن إطار التفكير القديم (استيعاب ومواءمة)؛
•وظيفة تأويل وبناء الواقع، حيث يقوم الفرد أو الجماعة بتأويل المعطيات بما ينسجم مع الاتجاه(تحوير القيم، إيجاد المبررات، تفادي التنافر المعرفي...)،
•وظيفة توجيه السلوكات والممارسات، فالتمثلات تلعب دور المحدد لما ينبغي القيام به وما لا ينبغي فعله.
وهكذا يلاحظ أن التمثلات الاجتماعية ليست معطى ذهنيا فقط، أي مجموعة من الصور الذهنية حول موضوع اجتماعي ما، بل هي أيضا مواقف وجدانية وممارسات فعلية.
التمثلات الاجتماعية السائدة حول الإعاقة:
أثبتت العديد من الدراسات في مجال علم النفس الاجتماعي أن في الثقافة الغربية وما يدور في فلكها، يتم تضخيم تقدير خصائص الفرد على حساب العوامل الخارجية التي تحيط بوضعيته وذلك خلال محاولتها تفسير السلوك الإنساني .
وهذا ما يبرر أن أغلب المقاربات التي تناولت الإعاقة نحت هذا المنحى حيث ركزت على الفرد عوض محيطه.
وهكذا ليس غريبا أن تسود المقاربة الطبية في المخيال الاجتماعي وأن يتحدث الناس، وهم يتمثلون الشخص في وضعية إعاقة، عن العاهة أو النقص أو العجز وليس عن عدم قدرة المحيط على التكيف مع حاجاته الخاصة أو إمكانياته.
إن هذا التمثل الاجتماعي المبرر بمسؤولية الفرد واستقلاليته يخفي موقفا إيديولوجيا مضمرا يتجلى في عدم مصداقية مساءلة المحيط.
يمكن القول أيضا إن صورة الشخص في وضعية إعاقة ضمن المخيال الاجتماعي هي نتاج لسيرورة تاريخية، وبالتالي فالصورة التي يحملها المجتمع اليوم عن المعاق هي نتاج مجموعة من الأساطير والأحداث والتصورات التي تراكمت عبر أحقاب )مثلا في القرن 17 كان يتم عزل كل من هو مختلف عن الناس «العاديين» ومرفوض من طرف المجتمع، من مثل المرضى والمنحرفين والمتشردين والحاملين لإعاقة. وفي المجتمع الإسلامي ومجتمعات أخرى تم ربط الإعاقة بالغضب الإلهي وبالمس وبالشيطان والنحس وبالأخطاء الأخلاقية التي تُربَط دائما بالمرأة.
إن مثل هذه الصور الذهنية التي أفرزتها ظروف وفلسفات اجتماعية قديمة ما زالت بقاياها مهيمنة. وتأخذ تفسيرات خرافية وغريبة في المجتمعات المتخلفة وتنحو في الغالب منحى سلبيا يدفع إلى الحذر والعزل والميز  discriminationوالوصم  . stigmatisation
تأثيرات التمثلات حول الإعاقة على حقوق الأطفال في وضعية إعاقة وعلى التربية الدامجة

إن هذه التمثلات ترتكز في منطلقها على معارف غير عقلانية خرافية أو في أحسن الأحوال على معلومات خاطئة. وهكذا تخلق اتجاهات ومواقف سلبية من الشخص في وضعية إعاقة تتباين بين الشفقة والاستصغار )تمثل العجز والقصور( أو النفور )تمثل السوء(، الأمر الذي ينعكس على من دمجه الشخص في وضعية إعاقة في الحياة العادية (مدرسة، شغل ،خدمات عامة، إلخ.)...
إن رفض الشخص في وضعية إعاقة واستصغاره لكونه مختلفا، يجعل من المجتمع يركز على إعاقته لا على إمكانياته التي لم يعمل المحيط على استثمارها وتوظيفها وتطويرها بل لم يفعل غير طمسها وقتلها.
انطلاقا من هذا الاعتبار تبقى التمثلات الاجتماعية واحدة من معيقات التربية الدامجة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ومنهم الأطفال في وضعية إعاقة، لكونها تحجب النظر إلى إمكانيات الطفل في وشعية إعاقة وإلى قدرته على التعلم في الفضاءات نفسها مع الأطفال الآخرين الذين يعتبرون «عاديين.»
لذلك، وكما سيتم التركيز في كثير من الأماكن في هذا الدليل، يبقى تنزيل التربية الدامجة بالشكل التام والكامل رهينا بتغيير تمثلات المجتمع وبالأخص الفاعلين التربويين الذين هم بدورهم لا ينجون من كماشة تلك الإدراكات الاجتماعية .ولكي تُمارس هذه التربية ينبغي التحرك من أجل تحويل النظر والتمثلات من الطفل «المعاق» إلى البيئة المدرسية والأسرية المعيقة. 

----------------------------------

المرجع :

دليل الأسرة والمنظمات غير الحكومية في التربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة
 مديرية المناهج 2019

التعليقات




// يوسف الضعيف //جميع الحقوق محفوظة

فضاء التربية الدامجة

2019