-->
فضاء التربية الدامجة فضاء التربية الدامجة

كل المواضيع

آخر المواضيع

كل المواضيع
كل المواضيع
جاري التحميل ...
كل المواضيع

الموضوع 3: مرتكزات التربية الدامجة



القسم 1 : أسس التربية الدامجة ومبادؤها
المحور 1 : مفهوم التربية الدامجة وأسسها ومقارباتها

الموضوع 3: مرتكزات التربية الدامجة


طبيعة الموضوع
يتناول هذا الموضوع تحليل أسس ومرتكزات التربية الدامجة، بالنظر إلى أنها فلسفة ذات أبعاد ثقافية واجتماعية ونفسية ،قبل أن تكون إجراء تربويا، وبالتالي فهي تشكل منظومة فكرية ترتكز على مقومات ومبادئ تمت صياغتها وفقا لتراكم معرفي وفلسفي أسسته تيارات سوسيولوجية وحقوقية وبيداغوجية.
إن تحديد المرتكزات والأسس التي تنبني عليها التربية الدامجة،  هو تعميق لتحديد مفهومها وتمييزها عن باقي الممارسات البيداغوجية التي استهدفت إشكالية تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية في مجال التربية والتعلم.
التربية الدامجة
تنبني التربية الدامجة على أربعة مرتكزات، وهي:


إن كل مرتكز من هذه المرتكزات هو نتاج سيرورة تاريخية من الاشتغال والاجتهاد الذي أسهمت فيه أطراف متعددة )منظمات حقوقية ودولية، منظمات الأمم المتحدة، مؤسسات المجتمع المدني، علماء، سياسيون ومفكرون...(. لذلك جاءت التربية الدامجة استجابة لتطور حاجة اجتماعية ومجتمعية، ولتطور فكري مرتبط بفلسفة وقيم إنسانية، وفي الوقت نفسه نتيجة تراكم معرفي أدى إلى تصورات بيداغوجية جديدة مبنية على تمثلات جديدة للتعلم والتربية.
المرتكزات القانونية
أسهمت الحركات الإنسانية والمنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني في الدفع إلى تبني مقاربات جديدة في مجال الحق في التعلم، وكذلك في فلسفة دمج الأقليات والفئات الهشة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ونبذ الإقصاء ،واحترام الاختلاف، وتعزيز المواطنة والعيش المشترك.
وتستمد التربية الدامجة تصوراتها من هذه الشعارات المبادئ التي سرعان ما كان لها أثر على إصدار مواثيق واتفاقيات دولية.
فقد نص ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الصادر في 1948 ضمن مادته 26على أن: «كل إنسان له الحق في التربية .»فبرز الحق في التربة الدامجة ضمن القواعد الإثنين والعشرين لتكافؤ فرص الأشخاص في وضعية إعاقة، وهي القواعد التي حددتها الأمم المتحدة في دجنبر 1993. وتنص إحدى هذه القواعد على ما يلي: « الأشخاص المعاقون يشكلون جزءا من المجتمع، ولهم الحق في أن يبقوا ضمن جماعاتهم الأصلية. وعليهم أن يتلقوا الدعم الذي يحتاجونه ضمن البنيات العادية للتربية والصحة والشغل والخدمات الاجتماعية.»
المرتكزات الاجتماعية والاقتصادية
يحيل هذا المرتكز على حاجة اجتماعية أساسية هي الحاجة إلى التناغم والتوازن والأمن، وهي حاجات تعتبر ضرورية للتطور. إن مجتمعا تمزقه الصراعات، ويفتقر إلى التلاحم بين فئاته، لا يمكن أن يمتلك أدوات التقدم. والتربية الدامجة تسهم في ذلك التناغم من خلال توفيرها للأطفال في وضعية إعاقة والأطفال الذيم يعتبرون «عاديين» من استدماج تقبل الاختلاف، ومن القدرة على امتلاك روح العيش المشترك. فمن خلال العلاقة التي تنسج داخل الفصل والمدرسة، ومن خلال التفاعل الإيجابي الذي يدبره المدير(ة) التربوي )ة( وهو يسير مشاريع بيداغوجية فردية، ولكن دون أن تكون خالية من روح التعاون وروح المواطنة بما تؤمنه للجميع من الاستفادة من خدمات الوطن.
هذا الشعور الذي يتأسس من خلال علاقات بسيطة بين الأطفال، وأحيانا بين الآباء وبين الآباء وأطفال الآخرين، هو ما يحصن المجتمع ضد الأحكام المسبقة والتمثلات الخاطئة، وهو ما يحميه من التطرف والميز والعدوانية   .
إن تواجد الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في فصول عادية هو تربية على المواطنة وعلى العيش في المجتمع مع أشخاص مختلفين لكن لهم الحقوق نفسها. وهوً تهيئ لهم لمرحلة الرشد ولمواقفهم وممارساتهم عندما سيتحملون المسؤولية والقيادة، حيث سيكونون أقل وَصْما، وأقل ميزا، وأكثر قابلية للدمج والاندماج.
أما على المستوى الاقتصادي، فقد أوضحت دارسات أن التربية الدامجة أقل كلفة من الناحية المادية، حيث إن تعليم جميع الأطفال في أقسام عادية يفيد في تفادي كلفة إحداث أقسام ومدارس ومراكز مختلفة. لقد أثبتت دراسة أجريت بكندا أن عدم دمح الأطفال في وضعية إعاقة في الشغل مثلا قد يكلف الاقتصاد خسارة تصل إلى  %7,7 من الدخل الخام.
المرتكزات الفلسفية
يعتبر تمتيع الأطفال بحقهم في التمدرس ضمن فضاءات عادية ومن دون ميز أو وصم أمرا أخلاقيا ينم عن احترام قيم إنسانية نبيلة ومنها تقدير الناس وتثمين إمكانياتهم كيفما كانت قيمة تلك الإمكانيات.
تجد التربية الدامجة أيضا مرتكزاتها في قيمة المساواة والتي تعتبر أحد القيم الأخلاقية والفلسفية الأساسية وفي قيمة التعاون والتساكن والعيش المشترك بالإضافة إلى قيمة الإنصاف.
وتبقى التربية الدامجة فلسفة مؤمنة بقيمة محاربة الوصم والميز ،إذ لا تنظر إلى نقائص الأشخاص ذوي الاحتياجات أو إلى إعاقاتهم بل إلى إمكانياتهم، وهي فلسفة إيجابية تشجع على التطور وتحفز على بذل الجهد، وتزرع الثقة في النفس.
المرتكزات العلمية والبيداغوجية
لعل من المرتكزات البيداغوجية والسيكولوجية التي تشكل دعامة
التربية الدامجة هو اعتبار أن النجاح في عملية التعلم لا يرتبط بالفرد بقدر ما يرتبط بنوعية وطبيعة الوساطة التربوية. ليس هناك شخص عاجز عن التعلم بل هناك وساطة عاجزة عن القدرة على إيجاد التقنيات والطريقة الملائمة التي تسمح بنقله من منطقة التعلمات التي يمتلكها )على قلتها وضعفها( إلى منطقة التعلمات المجاورة كما يقول فيكوتسكيvigotsky ، ومن تلك المنطقة الثانية التي تتحول إلى منطقة مكتسبة نحو منطقة ثالثة تكون مجاورة للثانية وهكذا دواليك.
إن اعتماد التربية الدامجة على السوسيوبنائية يبرز أيضا أن بناء التعلمات يحدث نتيجة التفاعلات والصراعات مما يسمح للاختلاف بأن يشكل أداة ناجعة لتعلم أفضل.
مبادئ التربية الدامجة
تستند التربية الدامجة إلى مجموعة من المبادئ، تمت الإشارة إلى بعض مستخرجاتها عند الحديث عن المرتكزات الفلسفية.
من بين تلك المبادئ، يمكن ذكر ما يلي:

مبدأ المدرسة للجميع:

وهو مبدأ يركز على حق كل طفل في أن يجد له موقعا في المدرسة، كيفما كانت هويته الثقافية أو الاجتماعية أو الصحية. إذ على المدرسة أن تتسع لكل هذه التنوعات في الوضعيات، وأن تنأى بنفسها عن الرفض والإقصاء.

مبدأ الحق في جودة التعلم:

إن التربية الدامجة لا تراهن على حق التعلم للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ومنهم الأطفال في وضعية إعاقة فقط، بل وكذلك الحق في جودة التعلم، مما يستلزم الاجتهاد من أجل ألا يكون تسجيل هؤلاء الأطفال شكليا، بل من أجل الحصول على تعليم يضمن وصولهم إلى أقصى ما يملكونه من إمكانيات، وفي ظروف تضمن كرامتهم.

مبدأ الإنصاف:

يختلف هذا المبدأ عن المساواة، إذ يرتكز على التمييز الإيجابي بما يضمن الوصول إلى المساواة في الحق، وليس في العوامل والظروف؛ لأنه إذا كانت المنطلقات متفاوتة، فإن المساواة في الظروف لا يمكن إلا أن تؤدي إلى مخرجات متفاوتة.

مبدأ تكييف التعليم لا تكييف المتعلم:

وهو مبدأ يركز على أن يجد الطفل ذاته في المدرسة من خلال مشروعه البيداغوجي الشخصي، الذي يسمح له بالتطور وفق وتيرته الخاصة في الفهم والتعلم والإنجاز.

مبدأ المراهنة على الوساطة الاجتماعية:

وهو مبدأ يعتبر أن جودة الوساطة التربوية والاجتماعية هي الكفيلة بتطوير التعلم والشخصية؛ وتبقى الحلقة الأساس في نجاح الدمج؛ سواء في بعدها البيداغوجي )المدرسون والمربون( أم في بعدها الاجتماعي (الأسر، زملاء القسم.)

----------------------------------

المرجع :

دليل الأسرة والمنظمات غير الحكومية في التربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة
 مديرية المناهج 2019

التعليقات




// يوسف الضعيف //جميع الحقوق محفوظة

فضاء التربية الدامجة

2019